Skip to main content
Writings

أنت ما أنت عليه لأنك هكذا ولدت

By July 1, 2013April 5th, 2017No Comments

هناك أشياء نكتسبها اما بالتجربة أو بالتلقين أو بالتبعية ومنها الديانة والوطن واللغة والعادات وغيرها الكثير وفي هذه الحالة نستطيع تغيير أي شيئ منها على عكس الأشياء التي لا نكتسبها بعد الولادة لأنها متوارثة بالجينات كاللون والعرق والطول.. الخ. أنت فلسطيني ليس لأن بيارات يافا أجمل من حدائق الجنة وليس لأن كنافة نابلس أقدم من تاريخ نصف الوطن العربي وليس لأن الزيتون طعمه أجمل في فلسطين وليس لأن سور عكا تاريخه أعظم من سور الصين العظيم وأيضاً ليس لأن المسيح ولد هناك أو أن المسجد الأقصي ثاني القبلتين أو لأي سبب آخر تميزت به فلسطين.. أنت فلسطيني لأن أباك وأمك من فلسطين.

ارتباطك في وطن ما يزداد كلما تعمقت درجات القرابة والأرض. فمثلاً لو أن جدك من سوريا وقد هاجر الى الأردن عندما كان صغيرا واكتسب الجنسية الأردنية وكذلك اكتسبها أبوك ومن ثم أنت بالوراثة ستقول أنك أردني لكن لن تنسى أنك مازلت سورياً من الداخل وهذا الشعور سيضمئل كلما ازداد حاملو الجنسية الأردنية من أحفادك وأحفاد أحفادك الى أن يصبح جدك مجرد ذكرى القدوم الى الأردن تماما كما يقول البعض (العيونهم زرق) أن أصلهم من الحجاز أو كما أن هناك عائلات أردنية بتميز لكنها فلسطينية أو سورية الأصل.. وهناك عامل آخر يؤثر في مدى تعلقك في وطن ما، ألا وهو المدة التي تقضيها في هذا الوطن. فمثلاً لو أنك قدمت الى الأردن وعشت فيها أكثر من عشرين عاماً، وأنا هنا أتكلم عن نفسي، وقد أكون حالة خاصة بعض الشيئ لكنني أشعر أن الوطن لاقيمة له الا اذا كانت له قضية مرتبطة بواقعك. فمثلاً كثير من السوريين المقيمين في الأردن يحبون الأردن كوطن جميل (طبيعة وآثار، ومناخ، فرص عمل، شعب مضياف.. الخ) ولا أشعر أني كنت محتاجاً لسوريا الى أن جاءت الأحداث وشعرت بشيئ من الوطن يدعوني اليه وهذا هو الشعور الذي يتنامى مع مدى تعلقه بالفكر الواقع وهنا يكمن السؤال من كل هذا.. كيف يمكن للواقع أن يؤثر بمدى حبك لوطنك؟

لنأخذ فلسطين مثالاً، هل كانت فلسطين لتتعدى كونها وطن لولا القضية؟ باعتقادي أن هناك أوطان كثيرة تمتاز بكونها ذات مؤثرات قومية ووطنية كمصر وسوريا ولبنان وغيرها لكن حب هذه الأوطان يزداد وحجم ارتباطه بقضايا الواقع، كم شخص عربي قابلته يتفاخر بحبه للسعودية بالمقارنة وأولائك الذين يتفاخرون بحبهم لفلسطين؟ الواقع أن ارتباط فلسطين بقضية الأرض المغتصبة والشعب المهجر وقضايا النزوح والحالات الانسانية والدينية كانت عاملاً مساعدا لتمسك أبناء هذا الوطن بوطنهم أكثر من غيرهم حتى مع حصولهم على امتيازات الجنسية في كثير من الأوطان. الحالة الثالثة التي تزيد من حب الوطن هي الغربة القسرية وهذا مانستطيع قياسه بسهولة الملاحظة عند التعرف على فلسطيني سوريا ولبنان. فتمسك هؤلاء بالوطن ازداد طبيعياً كونهم محرومين منه وهي على ما أعتقد حالة نفسية طبيعية تجعل من الانسان محتاجاً لما حرم منه ومن أكثر عوامل هذا الحرمان قسوة هو أن لابحصل الشخص على المساواة في الوطن البديل. هل هناك وطن بديل في الأصل؟

السؤال الآن للقياس: هل أنت مسلم لأن الاسلام جميل، مسيحي لأن المسيحية جميلة؟ أم أنت ما أنت عليه لأنك هكذا ولدت؟

nedaa.elias[at]gmail.com